Thursday 26 August 2010

0

Dr. Amr El-Shobki - "The Muslim Brotherhood: between reality and the TV series"

  • Thursday 26 August 2010
  • Fouad GM
  • Share
  • أثار مسلسل الجماعة اهتمام الكثيرين خاصة هؤلاء الذين حاولوا أن يهربوا من حصار المسلسلات البليدة، والبرامج المسيئة لكل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية التى انهمرت على الناس طوال الشهر الكريم.

    ويمكن اعتبار مسلسل الجماعة واحدة من الفرص المهدرة لتقديم عمل فنى محترم يعيش، ولا تنتهى قيمته إذا تغير الوضع السياسى ولو حتى بتغير الأشخاص، خاصة أنه تحدث عن جوانب صحيحة فى طريقة تفكير الجماعة، وأشار إلى أزماتها بصورة تقترب من الواقع، ولكنه أهدر كل ذلك حين قرأ السياق السياسى المحيط بها بصورة لا علاقة لها بالواقع.

    ويمكن قراءة مسلسل الجماعة من زاويتين: الأولى تتعلق بتعامله مع السياق المحيط بجماعة الإخوان المسلمين، وهنا كان الجزء الأسوأ فى المسلسل لأنه اختزله تقريبا فى الصورة الملائكية لأجهزة الأمن، والثانى يخص طريقة اقترابه من تنظيم الجماعة وفكرها، وهو الجزء الذى بذل فيه مجهود، وحمل بعض الجوانب الصحيحة، وجانبه الصواب فى جوانب أخرى.

    ورغم أن المسلسل قد انتقد حالة الفراغ والجمود السياسى والفروقات الطبقية فى المجتمع المصرى، وتحدث عن صعوبة أوضاع طلاب المدن الجامعية القادمين من الأقاليم، وعدم قيام الدولة بواجباتها تجاههم وتجاه غيرهم، إلا أنه انحاز بشكل كامل وأعمى لجهاز أمن الدولة ووزارة الداخلية بصورة تشعرك أن التحقيقات التى تجرى مع عناصر الإخوان تجريها أجهزة الأمن فى سويسرا أو السويد وليس حتى فرنسا أو أمريكا، وأنه لو قررت وزارة الداخلية أن تقوم بعمل مسلسل للإشادة برجالها لما قدمتهم بنفس الصورة التى قدمها مسلسل الجماعة، الذى قضى على مصداقيته، رغم أنه كان محاولة جادة لفهم جماعة الإخوان من الداخل، ومن أسوئها فى فهم البيئة المحيطة بها من الخارج.

    وقد تضمنت حوارات المسلسل خلافا بين الضباط على نوع الخدمة المقدمة لمعتقلى الإخوان، وهل هى خمس نجوم أم أربعة، فالضابط الكبير اعتبرها أربعة أما الشاب فقد اعتبرها خمس.

    وحين يجرى اعتقال أحد أذكياء الجماعة و«وزير ماليتها» الأستاذ بهجب (عبدالعزيز مخيون فى المسلسل وخيرت الشاطر فى الواقع) فى الفجر، يقول له الضباط «آسفين على إزعاج حضرتك»، ويصبح تقديم الشاى والقهوة والمعاملة الرقيقة جدا الخلفية المصاحبة لكل التحقيقات التى تجرى معهم، وكأننا فعلا فى أحد الفنادق، ولسنا فى سجون وأقبية جرى فى كثير منها اعتداءات مشينة على العديد من المعتقلين السياسيين ومنهم الإخوان المسلمين.

    أما الإخوان «الأشرار» فمهمتهم الوحيدة كانت هى الدعاء بصوت عال على رجال الأمن «الطيبين»، الذين تحملوهم برحابة وسعة صدر.

    والمدهش أن الأمر امتد إلى الحديث عن حوارات فكرية عميقة بين ضباط أمن الدولة والإخوان، فيقول الضابط الكبير إنه يدافع عن النظام لأن الدولة فيه مدنية رغم ما بها من فساد، فى حين أن الإخوان فاسدون مثل الحكومة ولكنهم يبشرون بنظام فاشى، وهى جمل يمكن أن يقولها كاتب المسلسل وليس لواء فى أمن الدولة فى تحقيق مع عناصر الإخوان.

    وحين يفرج القضاء المدنى عن كل القضايا التى قدمها الأمن ضد عناصر الجماعة، ويضطر الحكم لتحويلهم لمحاكمات عسكرية، نصبح أمام مشكلة حقيقية فى التحريات وتلفيق التهم يتعرض لها الإخوان وغيرهم من القوى الفاعلة فى المجتمع المصرى.

    والحقيقة أن فى هذا العهد دون غيره ظهرت نوعية من الناس ضمت تحالفاً نادراً من كل المهن («مثقفين» وفنانين وصحفيين ورجال أعمال)، صنعوا نمطاً من «النفاق اللزج» لم نره من قبل، يتجاوز بكثير النفاق المعتاد والحسابات المصلحية التى ربطت كثيراً من هؤلاء بنظم الحكم القائمة، فشاهدنا فنانين وكتاباً يمثلون السلطة فى عهد عبدالناصر والسادات وجزء فى عهد مبارك محترمين ومهنيين، أما الآن فيدهشك نمط من النفاق غير مطلوب ولا يحتاجه النظام ومع ذلك يصر عليه البعض.

    والمؤكد أن المسلسل لم يكن مطلوباً منه أن يهاجم أمن الدولة طالما أراد لعمله أن يمر ويعرض فى التليفزيون الحكومى، ولكنه لم يكن مطالباً أيضاً بأن ينافقه بهذه الطريقة الفجة.

    وإذا كان صحيحا أيضا أنه لم يحدث تعذيب منظم أو ممنهج ضد عناصر الإخوان كما جرى مع جماعات العنف والعمليات الإرهابية فى الثمانينيات والتسعينيات، ولكن بالتأكيد هناك اعتداءات متكررة بعضها باجتهادات فردية حدثت على كثير من المعتقلين السياسيين وغير السياسيين نتيجة غياب المحاسبة، وتغول جهاز أمن الدولة فى كل مجالات الحياة من تعيين المعيدين إلى إقامة الندوات إلى الإشراف على القنوات الفضائية الخاصة إلى ملف الإخوان والاحتقان الطائفى والتوريث والأحزاب وغيرها.

    ولأن حضور السياسة فكرا وممارسة يساعد النظام القائم (وأى نظام) على مواجهة خصومه وعلى رأسهم الإخوان، فإن غيابها يعنى حضور الأمن لملء الفراغ الذى هجرته السياسة، وتصبح مهمته ليس فقط قمع السياسيين أو مواجهة التنظيمات المتطرفة والخارجة على الشرعية، إنما قمع كل شىء وإعادة ترتيب كل شىء أيضا.

    فالمطلوب من الجميع أن يظلوا فى الغرف المغلقة حتى الأحزاب الشرعية، وغير مسموح لأحد أن يمارس العمل السياسى «بجد» وأن ينزل الشارع بغرض تداول السلطة مع النظام القائم، وبما أن الأخير تجمد فى مكانه وغير قادر على منافسة أحد فى الشارع، فأصبح مثل التلميذ البليد فى حاجة إلى «برشامة» من أجل البقاء وكان الأمن هو برشامته دون أدنى شك.

    هذا الفهم البديهى لطبيعة اللحظة الحالية التى غيبت عنها السياسة، وأصبح تلقائيا الأمن والقمع حاملين عبء أى حكم فاشل، نتيجة غياب السياسة ودولة القانون معا.

    وحين انتقل المسلسل إلى الجوانب السياسية المحيطة بالجماعة، تحدث بصورة صحيحة وسلسة عن ضعف أحزاب المعارضة، واتهم الحزب الحاكم بالفساد وغياب الفاعلية وإن كان أقل جرأة ووضوحا مما جاء فى فيلم طيور الظلام، وجانبه الصواب حين تحدث عن اختراق الإخوان للحزب للوطنى، وهو أمر غير صحيح، لأنه لم يعرف أن «إخوان الحزب الوطنى» هم أبناء الحزب الوطنى فقط، وأن صور التدين المغشوش والشكلى التى غرق فيها المجتمع المصرى هى «فخر» الصناعة المصرية فى الثلاثين عاما الأخيرة، حين سمح الحكم بنمو التيارات السلفية وبيزنس الدعاة الجدد وشيوخ بول الرسول وإرضاع الكبير من رجال المؤسسات الدينية الرسمية، صحيح أن الإخوان استفادوا من كل هؤلاء ولم يرفضوهم، إلا أن «إخوان البنا» ظلوا مختلفين عنهم ولم يصنعوهم.

    لقد عاش تنظيم الإخوان المسلمين أكثر من 80 عاما، وحصيلة هذا العمر هى الفشل، فلا هم نجحوا فى مجال الدعوة ولا السياسة، ومثلوا عبئاً على عملية التطور الديمقراطى، وأهدروا فى السنوات الست الأخيرة أكثر من فرصة للتطور والإصلاح، ولكنهم لم يفعلوها ولن يفعلوها لأن المشكلة ليست أفراد الجماعة إنما صيغة الجماعة.

    كيف صور المسلسل هذه الصيغة، وأين هى الجماعة الحقيقية من جماعة المسلسل يبقى هذا حديثنا القادم.

    المسلسل المصري "الجماعة" تأليف وحيد حامد


    الجماعة: مسلسل فى عالم آخر (ج 2 من 2)

    مع كل حلقة من مسلسل الجماعة ترتفع أصوات المحتجين والمؤيدين، ويزداد الجدل حول أحداثه حتى وصل إلى المحاكم، وتقدمت أسرة حسن البنا من خلال نجله سيف الإسلام القيادى فى الجماعة، بطلب إلى المحكمة الاقتصادية لتقصير مدة تحديد الجلسة المقررة لنظر دعوى وقف المسلسل، والمحدد لها 14 سبتمبر المقبل، حيث طالبت الأسرة بأن تنظر الجلسات قبل ذلك التاريخ حتى يتمكنوا من وقف العرض قبل انتهاء شهر رمضان.

    وهكذا رسب الإخوان فى معركة جديدة تخص حرية الرأى والتعبير وأقاموا دعوة «حسبة فنية»، نصبوا فيها أنفسهم أوصياء على المجتمع، وطالبوا بمنع عرض المسلسل لأنه لم يعجبهم، رغم أنه من حقهم رفضه أو نقده أو القيام بعمل آخر ولكنهم اختاروا طريق المنع ومقاضاة عمل فنى تجرأ وصور حسن البنا فى صورة الرجل غير المعصوم الذى يصيب ويخطئ مثل كل البشر.

    ورغم أن هذا العمل يعكس رؤية مؤلفه السياسية وهو فى النهاية ليس فيلما وثائقيا، إنما عمل درامى يخضع لرؤى القائمين عليه، التى هى بدورها يجب أن تخضع للمراجعة والنقد خاصة فيما يتعلق ببعض التحيزات والمغالطات التاريخية، التى أفقدته كثيرا من بريقه، رغم حبكته الدرامية ومقدمته الموسيقية الساحرة، والجهد الذى بذل فيه.

    ولولا هذه الأخطاء لما طرح هذا السؤال الغريب فى مواجهة عمل فنى: هل زاد المسلسل من شعبية «جماعة الواقع» أم قلل منها؟ وكأن العمل الدرامى مهمته لعب دور الأحزاب السياسية أو كأنه خطبة تحريضية فى مؤتمر أو برنامج « توك شو» وليس عملا فنيا من حق مؤلفه أن يكون له رؤية سياسية، ومن حقنا نقدها أو مناقشتها بصرف النظر عن قضية التأثير على شعبية الإخوان.

    والحقيقة وبعد 12 حلقة من مسلسل الجماعة فإننا بالتأكيد أمام عمل فنى له رؤيته السياسية المنحازة فى بعض الجوانب، وأمام سرد لبعض الوقائع غير الصحيحة، دون أن ينفى ذلك وجود جوانب ثالثة اتسمت بالموضوعية والجرأة معا.

    وعلى غير ما ادعى نجل مؤسس الجماعة فإن المسلسل صور بإتقان شخصية حسن البنا الكاريزمية والمؤثرة فى تاريخ مصر، والتى يمكن وصفها «بالاستثنائية» من حيث الحيوية والجرأة، بحيث أثارت إعجاب الكثيرين ممن شاهدوا العمل.

    وقد وضع المسلسل حسن البنا فى قالب إنسانى وإن كان غير مقدس، واعتبره زعيم جماعة دينية وسياسية كبيرة وكان فرديا فى بعض القرارات ومتشددا فى بعضها الآخر، وكان مناورا وحادا أحيانا، حتى واقعة حصول الجماعة على 500 جنيه كتبرع من هيئة قناة السويس صورها المسلسل بشكل محترم كان فيها حسن البنا ندا للبارون الفرنسى ممثل الهيئة، وبدت ممارساته فى الواقع العملى ليست بعيدة عن ممارسات كثير من زعماء الجماعات والأحزاب السياسية الأخرى التى كان للزعيم فيها دور محوري.

    ولعل ما يؤخذ على العمل فى هذا السياق، أنه تحدث عن الجماعة فى الثلاثينيات والأربعينيات كأنها «عجبة» ولم يشر بأى صورة لملامح الحياة السياسية النشطة فى ذلك الوقت، وشكل باقى القوى السياسية، وكأن الجماعة كانت موجودة بمفردها على الأرض أو فى كوكب آخر.

    أما الجانب المرتبك فى «إخوان المسلسل» فتمثل فى علاقة البنا وأسرته بالسعودية، حيث صورها على أنها علاقة تبعية منذ البداية، وأن بقاء البنا فى مصر سيخدم الاستراتيجية السعودية أكثر من ذهابه للعمل هناك، والحقيقة أن السعودية فى ذلك الوقت كانت تستكمل تأسيسها على يد الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود الذى أعلن فى عام 1932 عن نشأة المملكة ككيان موحد بدأ ضعيفا، لا فيه مال ولا حكم حديث،

    فى حين أن المسلسل صورها كقوة عظمى لديها رؤية استراتيجية من أجل إظهار تبعية إخوان المسلسل وليس الواقع للسعودية، والإساءة للبنا وهو هنا يسىء إلى مصر (القوة المؤثرة فى محيطها العربى والإسلامى فى ذلك الوقت) أكثر من الإخوان. صحيح أن العلاقة بين الإخوان والسعودية قد تشكلت على هذا النحو حين دعمت السعودية بقوة الإخوان فى صراعهم مع عبدالناصر، ولكن كان ذلك فى الستينيات وليس الثلاثينيات كما جاء فى المسلسل.

    أما الجانب الأكثر إثارة للجدل فهو إصرار المسلسل على تقديم الجماعة على أنها جماعة جهادية وأن العنف أمر أصيل فى بنيتها وأن التنظيم الخاص مازال موجودا حتى الآن آخذا من العرض الرياضى العنيف الذى جرى فى جامعة الأزهر دليلا وهميا على ذلك.

    صحيح أن الإخوان أنشأوا بعد مؤتمرهم الخامس فى 1938 ما عرف بالتنظيم الخاص أو السرى الذى مارس عنفا وعمليات إرهابية بعد دخول عناصره حرب فلسطين، ثم محاولة اغتيال جمال عبدالناصر فى عام 1954 وانتهاء بتنظيم سيد قطب فى 1965 الذى رتب لعمليات إرهابية، إلا أن هذا لا يعنى أن الجماعة قامت على فكرة تكفير الحاكم ومحاربته بالعنف، وكأنها جماعة جهادية أو تكفيرية، فالفارق الفقهى والفكرى بين أدبيات الإخوان وأدبيات الجماعات الجهادية هائل، وهما مدرستان مختلفتان جذريا فى الفكر وفى البناء التنظيمى، وعلاقة الإخوان بالعنف انتهت نهائيا منذ إعدام سيد قطب عام 1966.

    وقد بدا فى المسلسل أن الإخوان المسلمين والتيارات السلفية وجماعات العنف الدينى شىء واحد، وهو أمر لا أساس له من الصحة، ورغم أن حسن البنا عرف الجماعة على أنها جماعة سلفية بمعنى أنها تهتدى بالسلف الصالح إلا أن هذا لا يعنى أن لها أدنى علاقة بالتيارات السلفية التى انتشرت فى مصر فى السنوات الأخيرة بتشجيع حكومى ودعم سعودى على اعتبار أنه ليس لها علاقة بالسياسة، وبالتالى لا توجد أى علاقة فكرية أو تنظيمية بين الجماعات السلفية التى تنشط فى المجال العام وتحث الناس على طاعة أولى الأمر، وتدعوهم إلى التشدد الدينى والثقافى وبين جماعة الإخوان التى تنشط فى المجال السياسى.

    ستبقى مشكلة الإخوان بالأساس سياسية تتعلق بصيغتها ومنهجها، فهى جماعة دعوية وسياسية فى نفس الوقت ترفض الدولة المدنية والمواطنة ومبادئ الديمقراطية كما جاء فى برنامجها، وهى مثل الحزب الوطنى تستمع للنقد «بسعة صدر» ولكنها لا تنفذ منه شيئاً، ولم تقم بخطوة إصلاحية واحدة رغم أن بها كثيرا من الإصلاحيين.

    إن صيغة الإخوان «العبقرية» والفضفاضة أبقت الجماعة صامدة 82 عاما رغم الضغوط والمحن، ولكنها جعلتها فاشلة بامتياز فى التأثير فى أى حدث سياسى كبير تشهده مصر طوال تاريخها، فهى التى علمت أعضاءها السمع والطاعة من أجل الحفاظ على وحدتها، وهى تشبه الآباء الذين يرسلون طلابهم لدراسة الطب أو الصيدلة ثم يطالبونهم بعد التخرج بأن يعملوا مهندسين أو محامين، فصيغة الجماعة هى سر أزمتها وسر تماسكها فى نفس الوقت، وإذا تخلى الإخوان عن هذه الصيغة وأسسوا الجماعة تأسيسا ثانيا يقوم على الفصل الكامل بين الدعوى والسياسى، فإن هذا سيعنى أنهم سيفقدون تماسكهم ووحدتهم، وهو ما لا يقدرون عليه، ويفضلون إبداء كل السعادة والرضا لاستمرار الفشل والمحن لثمانين عاما قادمة.

    هذه هى مشكلات الجماعة الحقيقية، وليس العنف الوهمى الذى صار فعلا ماضيا حتى لو ادعى مسلسل الجماعة ألف مرة أنه مازال موجودا.

    0 Responses to “Dr. Amr El-Shobki - "The Muslim Brotherhood: between reality and the TV series"”

    Post a Comment