Friday, 2 April 2010

0

A letter from 2050 to 2010

  • Friday, 2 April 2010
  • Fouad GM
  • Share
  • بقلم عمر طاهر
    06/02/2010

    عزيزي عمر ساكن العقد الأول من الألفية الجديدة... تحياتي من العقد الخامس... أشعر بأنني مرتبك جداً لأنك تضطرني إلي استخدام تقنية انتهت وهي تقنية الخطابات.

    تخيل نفسك مضطراً للتواصل مع شخص من زمن الحرب العالمية الأولي ولا تعرف وسيلة سوي شفرة مورس!

    تسألني كيف نتواصل مع بعضنا في العقد الخامس، الحقيقة نحن لا نتواصل أساساً، فقد سحبت الحكومة من أجدادي البطاقات التي كنتم تقولون إنها ذكية (بطاقات الرقم القومي) والتي كان العيب الرئيسي فيها أنك قد تنساها في المنزل، وزرعت داخل كل مواطن شريحة وجمعت الشرائح كلها في شبكة واحدة جعلت الناس مفتوحة علي بعض أو إن شئت الدقة (مفضوحة)، يمكنك أن تُدخل رقم شريحة الشخص الذي تود التواصل معه وسيعرف هو كل ما يدور برأسك وبروحك دون كلمة واحدة، وهي ميزة، حيث اختفي الكذب تماماً، وبناء عليه أصبحت الكراهية تسيطر علي عالمنا في هذه اللحظات.

    سيطرت السحابة السوداء علي الأجواء، أصبحنا نري بعضنا بصعوبة وهنا تظهر ميزة جديدة للشريحة الحكومية، أصبحت السحابة السوداء من عجائب الدنيا السبع الجديدة وحولت مصر إلي مزار سياحي في بداية الشتاء حيث يزورها السياح من كل أنحاء العالم في هذا الوقت (علشان ياخدوا لون)، وإذا كنت عشت العهد الذي يفخر فيه المصريون بإنجاز السد العالي فنحن نعيش عصر الفخر بإنجاز قومي كبير اسمه الشفاط العالي، حيث تم بناء شفاط ضخم في مدخل القاهرة يسحب السحابة السوداء ويصدرها إلي إسرائيل بأسعار رخيصة.

    مر العالم خلال السنوات الماضية بأزمات اقتصادية مجنونة غيرت قيمة الجنيه المصري، أصبحت عملة الجنيه الموجودة علي أيامكم كنزاً أثرياً حيث اختفت وحلت محلها ورقة مالية واحدة فئة الـ8 جنيهات، وأصبح سعر كل شيء يقاس بالـ8 جنيهات، فرغيف الخبز سعره خمسة (8 جنيهات) ولتر البنزين سعره تسعون (8 جنيهات)، و لا تسألني عن الرواتب فأنا مثلك أعمل كاتباً في مجلة إلكترونية (انتهي عصر الورق بعد أن تحول إلي غذاء في بلاد كثيرة) وأتقاضي خمسة ملايين (8 جنيهات) شهرياً، أدفع معظمها كأقساط لشفاط المنزل وطائرتي الهليكوبتر الإيرانية الصنع.

    آسف أعرف أن كلمة طائرة قد تعطيك إيحاء بأنني قد أصبحت ثرياً ولكن الحقيقة أننا نعيش هذة الأيام طوفان الطائرات الهليكوبتر الإيرانية الرخيصة مثلما عشتم طوفان التوك توك الهندي الرخيص في بداية الألفية، الشعب كله حالياً يعتمد علي التنقل بالجو، اختفت الميكروباصات وحلت مكانها طائرات عملاقة يقودها انتحاريون هم بالأساس أحفاد قائدي الميكروباصات في عهدكم، وهناك طائرات النقل العام التي يتدلي المواطنون من شبابيكها أثناء تحليقها في الجو، والباقون يستخدمون طائرات مثل التي أمتلكها، تغير نوع المواصلات لكننا مازلنا نعيش المشاكل نفسها التي كنتم تعانون منها، بالذات مشكلة العثور علي مكان لركن الطائرة في وسط المدينة أو في شارع عباس العقاد، أيضاً التحدث في الموبايل مازال ممنوعاً أثناء التحليق لكن تم التخلي عن قانون حزام الأمان وأصبح يشترط أن يرتدي الركاب جميعاً البراشوت فوق ملابسهم، لم تعد الشرطة هي المسئولة عن تنظيم المرور، لكن الأمر برمته أصبح في يد الدفاع الجوي، تسألني عن السير في الشوارع فأقول لك إن تيارات الهواء الشديدة المنبعثة من الشفاط الموضوع في مدخل القاهرة بهدلت كل الناس.

    انتهي عهد الشقق والفيللات ويعيش كل واحد منا في كبسولة متر في متر مصنوعة من الحوائط الديجيتال، وهي كبسولة ذكية تتحول حسب إرادتك، فإذا أردتها حماماً تخرج من الحائط خراطيم سحب مركزي لسحب الفضلات، وإذا أردتها مطبخاً تعطيك قائمة باختيارات الطعام والشراب سابق التجهيز وتقدمه لك في صورة حبات مركزة (الأكلة المفضلة بالنسبة لي هي حبة الأرز بالملوخية بالفراخ البلدي)، وإذا أردت أن تستقبل ضيوفاً تحول نفسها إلي قاعة فيديو كونفرانس، وإذا أردت أن تختلي بزوجتك فيمكنك أن تفعل ذلك في الطائرة التي تمتلكها.

    الكبسولات موجودة في المدن الجديدة مثل وادي النطرون، وهناك كبسولات عشوائية موجودة في مصر القديمة (الشيخ زايد و6 أكتوبر والتجمع الخامس)، و هناك كبسولات المصيف الموجودة علي شواطئ منخفض القطارة وترعة السلام، أنا أسكن في كبسولة موجودة في كومبوند للصحفيين الشباب في الصحراء الشرقية، وفي طريقي لشراء كبسولة جديدة في الصحراء الغربية وسوف أقوم بفتحهما ديجيتال علي بعضهما.

    انتهي زمن الفول والطعمية وأصبحت الأكلة الشعبية هي التيس المظبي أو المندي بعد أن أصبحت دول الخليج غاية في الفقر، فقد جف البترول تماماً في تلك المنطقة، وكان الكليب الأشهر لهذه الكارثة والذي بثته كل صحف العالم الإلكترونية يبين لنا أحد الخليجيين خارجاً من بئر عميق في الصحراء وفي يده كوب مليء إلي أقل من منتصفه بالبترول ثم يقدمه لصاحب البئر الذي سحب مسدسا ووضعه في فمه ثم أطلق النار ليسقط قتيلا في الحال، بعدها نزل الخلايجة مصر بحثاً عن أكل العيش وافتتحوا سلاسل محال أكل خليجي، الأمر الذي جعل حبات التيس المندي والكبسة والمقلوبة هي الأكثر شعبية في مصر، ستسألني: أين ذهب البترول إذن؟! فأقول لك لقد ظهر البترول في مكان غير متوقع علي الإطلاق، فقد ظل الكليب الأشهر لفترة في وسائل الإعلام يبين لنا أعداداً كبيرة من سودانيين يرقصون حول بترول متدفق من بئر في غابة استوائية.

    صديقي العزيز... أنا لا أكتب لك لأقول لك إن الحياة أصبحت صعبة ولكن أكتب لك لأقول إن مصر تعيش أجمل أيامها بعد أن نجحت أخيراً في تنظيم كأس العالم في توشكي التي تحولت إلي مدينة أوليمبية، و نحتفل هذه الأيام لا بصعودنا إلي الأدوار النهائية (فقد خرجنا من التصفيات الأولي) لكننا نحتفل لأننا استطعنا بعد كل هذه السنوات أن نثأر لهزيمتنا من الجزائر في استاد أم درمان بأن انتصرنا علي منتخب أم درمان نفسه واحد صفر، كان الاستاد في أزهي صوره وامتلأت المدرجات بالعلم المصري الجديد (لم تتغير الألوان ولكننا تخلصنا من النسر ووضعنا مكانه الشفاط)، وكان الاستاد يهتز بينما الجميع يغنون في صوت واحد السلام الجمهوري الجديد (أكتر حاجة باحبها فيكي هيه دي... طيييييييييييبة قلبك).

    0 Responses to “A letter from 2050 to 2010”

    Post a Comment